بقلم د/ سارة حجازي
قالوا زمان: إلى يبص لعيشة غيره تحرم عليه عيشته.. تداول التراث العالمي أقاويل تراثية عن أضرار الطمع الكاسحة والماحية لكل النعم التي يحصل عليها المرء. إذا دققنا النظر حولنا سنرى أبرياء كثيرون تملئ الضحكة الفطرية وجهوهم وإذا ما تفحصنا أحوالهم سنجدهم لا يملكون شيء يذكر!سنجد رصيدهم فالثراء المادي يميل إلى درجة الصفر أو ربما يقل عن ذلك… فهم لا يملكون شيء ويعتمد على الدخل اليومي الذي قد يتوفر يوم ولا يتوفر أيام أخرى.
لن تراهم عابسين أبدا ستجد دائما على وجوههم ابتسامة رضا غريبة عن عالمنا المادي، وقد لا تستطيع معظم العقول تفسير مصدر أو آلية عمل هذه الابتسامة، فلم تندرج ضمن نظام عمل جموع البشر الماديين بشكل عام.ابتسامة الرضا لا تأتي من عدم إنما يوجد خلفها آلية روحانية موصولة بالخالق وراضيه عن وجودها ومكانتها وحياتها تمام الرضا.
هل هذه الابتسامة حصرية على الغلابه فقط؟
لماذا لا نجد عامة الناس مبتسمين؟ ولكن نجد معظمهم عابسين؟!
السبب هو الطمع وعدم الرضا بما كتبه الخالق، وسبحان الله فان الإنسان لا يطمع إذا كان لا يمتلك الكثير من المادة أي كانت صورها! إنما يبدأ بالطمع حين تتوفر لدية بعض من النعم أو السلطة أو الصفات ، بعض من الذي قد يحمد عليه المرء، سوف تجد الجميلات أو الأغنياء دائمي السعي وراء عمليات التجميل …سعيا أو طمعا للحصول على المزيد من الجمال.
ستجد الموظف الصغير دائم المشي بجوار الحائط الذي قد يتهدم عليه…!لكن كلما ارتفع أو منصب الموظف كلما زادت تطلعاته للمزيد. حتى إذا نظرنا لحال الطالب ضعيف الإمكانيات ستجده غير مبالي بدرجات الآخرين من الرفاق ولكن الطالب ذو القدرات ودائم التفوق ستجده يرتكز ببصره على الآخرين من المتفوقين طامعا في الحصول على أعلى درجة غير قانع بدرجته التي قد يحصل عليه ، لكن كل ما يهمه هو الحصول على الأعلى !
الطمع يفسد متعة الحياة ويضيع لذة النعم التي يحصل عليها المرء ومن لا يطمع إذا كانت صفة الطمع تلازم وجود النعم وكأن الشيطان أراد أن يشاركنا نعمنا ويفسدها علينا حتى لا نستمتع بعطايا الخالق ومن ثم لا نتعبد بحب ولا نتصل بالله أو مخلوقاته بإيجابية ، إنما سنركز إبصارنا على نواقص النعم التي لدينا وكمال وجمال النعم التي لدي غيرنا!!
هل تعرف شخص يتصف بالطمع؟ هل تأملت أحواله؟
ستجد الطماع دائم الانشغال والتعب يُشعر بالفقر الدائم، مهما كثر ماله، يكره ويعادي من حوله ، لا يستطيع أن يثق بأحد ويظن أن كل يخونه، يتوقع دائما الأسوأ لأنه يسيء الظن بالله فيعتقد ان الله دائما يعطيه أسوء واقل شيء … لا يضحي من اجل أي احد حتى اقرب الناس إلى قلبه لأنه يطمع إن يقوم الآخرين بذلك من اجله.
وسنجد دائما من حوله يشتكون من وجوده في حياتهم وخصوصا إذا اجتمع لديه المال والسلطة مما يمكنه من الظلم، والاضطهاد، والغش والكذب بتبجح. وإذا كان الطماع يعمل بالتجارة وما أكثر سيتلاعب بالأسعار ويحتكر البضائع والصناعات وينافس بطريقة لا تتصف بشرف المهنة مما يلحق الضرر بالمجتمع أجمع.
وعلى النقيض تماما ستجد الإنسان الراضي بحالة شريف ومجتهد ولا يطمع في حقوق الآخرين ولا ينظر الى النعم التي لديهم ، بل قد ينتقص من قدره وماله ونعمه ليرى بأعين الآخرين نظرة فرح ورضا! هذا الإنسان لا يعامل البشر بل يتعامل مع خالقهم ويضع الله دائما صوب أفعاله…!
هل نحن ملائكة حتى لا نطمع؟
بالطبع لا نحن بشر خلقنا الله حتى نعبده حبا وطمعا، اي يجب علينا أن نطمع في الله وعطاياه ونعمه ومنحه علينا ، و فمن نطمع سواه…ربنا يمدنا بكل أطمعنا في جلال سلطانه…!
مدد يا الله مدد
العرابة بتقولك
حب إلى خلقك واطمع فيه!!
الكاتبة: د/ سارة حجازي