بقلم د/ سارة حجازي
هل سالت نفسك يوم عن كل المواقف التي خسرت فيها بسبب عجزك عن الكلام أو بسبب اندفاعك واستخدام كلمات في غير موضعها مما زاد الأمور تعقيدا فانتهى الموقف لصالح خصمك، وربما ضاع حقك بسبب عدة كلمات لم تأت في السياق المنضبط؟إذا لم تقم بذلك فتكرم على نفسك وقم بتأمل هذه الكلمات لبضع من الدقائق!!
هل شعرت يوم بضعف كلماتك واتخذت قرار العمل على نفسك لتحسين لغتك وكلماتك حتى تستطيع إدارة أي حوار ضروري؟ إذا لم تقم بذلك فتكرم على نفسك وتأمل هذه الكلمات!
هل هناك حوار غير ضروري؟ بالطبع لا كل الحوارات ضرورية فقد تصنع هذه الكثير من المكاسب وراحة البال وتتجنب الكثير من المشاجرات بسبب كلمة طيبة او كلمة عاقلة توضع في موضعها الصحيح فتنجيك او تأخذ بيدك او ترد لك حق مفقود… وقد يحدث العكس تماما عند إساءة استخدام الكلمة فتفقد حق او يلقي عليك باللوم عن ذنب لم تقترفه …!
في زمان الحضارة الفرعونية كان هناك فلاح ضعيف ليس له حول ولا قوة ثم ازداد فقره عندما تعثر حماره بأرض رجل غني ذو سلطة وسقطت حمولته عن الحمار التي كانت تمثل معظم ممتلكاته وقام حراس الأرض بأخذ الحمار بحجة إن الحمار قد أكل من زرع الأرض.
جزره وقطمها جحش!
وبالإضافة إلى فقره وتعاسة حظه وفقدان حمولة الحمار ازدادت حياته تعقيدا بفقدانه حماره الذي كان يعينه على مشاق الحياة، لم ييأس الفلاح الضعيف وظل يكتب إلى الحاكم والى الفرعون ذاته، وكانت خطابته شديدة الفصاحة وبليغة اللغة مما جعل الفرعون يأمر حاكمه بعدم تلبية طلبه حتى يستمر في الكتابة ، وظل يكتب الفلاح حتى ييأس من الإجابة فتوقفت خطاباته حينها أمر الفرعون بإحضار الفلاح الذي لقب بالفلاح الفصيح لقضاء حاجته ورد حماره وتعويضه.
إذا استحسن احدهم كلامك سيقوم بتلبية طلبك وان كان يخالف هواه وان لم يستحسن الأخر كلامك سيرفض طلبك وان كان حقا مثبت … وقد يتنازل محب عن حبه ويترك حبيبه بسبب سوء استخدام الحبيب للكلمات! لذلك أمرنا الخالق بالقراءة وكلما قرأت كلما ازدادت بلاغتك وحسنت كلماتك.
وأخيرا وليس أخرا نجد حقيقة ازدياد معدلات الجريمة متزامن مع سوء استخدام اللغة وإدخال الكلمات النابية التي قد تتصف بالكلمات القبيحة المشوهة للحياة ولمعالم الثقافة المصرية. فأصبحت الأطفال تتلفظ بكلمات كان الشيخ الكبير يستحي نطقها … كما زادت استخدام الكلمات العنيفة التي تحث على الكره والعدائية وصولا الى القتل وسفك الدماء…!
وللأسف إذا قام باحثين علم النفس وعلم الاجتماع بالبحث والربط بين ارتفاع معدلات الجريمة واستخدام العنف في المجتمع المصري وبين تداول الكلمات النابية والعدوانية في الأغاني الدخيلة على الفن المصري ومن ثم تداولها بين أفراد المجتمع …بالتأكيد سيجدون رابط قوي جدا بين تداول الكلمات العدائية وبين الجرائم التي ليس لها تفسير أو منطق لأنها تخرج عن السياق الإنساني وقد انتقل المواطن المصري إلى مرحلة غريبة من عدم المبالاة بأفعال أو آلام الآخرين…!
فهل نتكاتف سويا من اجل إنقاذ مستقبل المجتمع والأسر المصرية بالعدول عن الاستخدام السيئ للكلمة والحث على استخدام الكلمات الايجابية الطيبة؟
هل سوف يقوم المشرع المصري بفرض عقوبات على استخدام الكلمات العدوانية وتداولها في المجتمع؟ وان كان حتى عن طريق الفن؟
هل ستقوم الرقابة الفنية بعمل معدل جديد يتضمن مستوى العنف المسموح تداوله في الفن المصري؟!
الكلمة الايجابية هي الكلمة الطيبة ذات الجذور الثابتة والعميقة في الأرض وفروعها في السماء وأغصانها مثمرة بالثمار الطيب على عكس الكلمة السلبية الخبيثة التي تكسر خاطر او تضيع حق أو تسب أو تذم او تشوه روح إنسان سمعها. قد يؤدي تكرار سماع الكلمات السلبية إلى تراكم العنف والغضب بداخل الإنسان بدون مبرر وقد يؤدي إلى ارتكابه إلى جرائم عنيفة بدون مبرر.
الكلمتين يستمر مفعولهما إلى ما لا نهاية إلي يوم القيامة…! يستطيع الإنسان مضاعفة مجهوده عدة مرات من اجل سماع كلمة طيبة وقد يتخلى جندي عن سلاحه ويترك ساحة المعركة بسبب كلمة خبيثة…!
العرابة بتقولك :” اتك علي الكلمة وأتعلم عشان تبقي معلم ”
الكاتبة
د/ سارة حجازي