بقلم د/ سارة حجازي
قام العلماء بعمل عدد ضخم من الأبحاث التي دامت على مدار السنين التي استهلكت كثير من الوقت والمال والمشقة لتتبع الآلية التي تهاجر بها الطيور من مكان لآخر وتقطع في سبيل ذلك الآلاف من الأميال فتنطلق ثلث أنواع الطيور في العالم مهاجرة في رحلات مختلفة المسافات والاتجاهات.
تهاجر الطيور بحثـاً عن أماكن أكثر دفئاً وأوفر غذاءً وأكثر ملائمة لتناسلها أو للبحث عن ظروف معيشية أفضل ومناخ للراحة والاستجمام… والعجيب أنها لا تضل الطريق أبدا!
هل قمت برحلة للاستجمام من قبل؟
هل قررت مغادرة مكان سكن أو ترك وظيفة للبحث عن ظروف معيشية أفضل؟
تتباين الطيور في طرق معيشتها وأشكالها وأحجامها بداية من النعامة والتي يصل وزنها إلي 150 كم نهاية إلي الطنان الذي يصل وزنه إلى 2.2 جرام، وقد تهاجر الطيور في النهار أوقد تفضل الليل، تصل المسافات التي قد تقطعها الطيور إلى 14.500 كم، وقد يطير طائر القطرس لمدة 80 يوم وقد يطير “الدخلة” ثلاثة أيام ونصف متصلة لا يلامس فيها الأرض.
كم مرة تنازلت عن اللحاق بحلم من اجل صعوبة الطريق؟
وحتى تنجو الطيور من هذه الرحلة الشاقة تستخدم كل الحواس والقدرات الممنوحة لها من قبل الخالق سبحانه وتعالى ، وحين تقابل التقلبات المناخية والعواصف التي قد تودي بحياتها فتعيد تقييم المسافة وتعيد ضبط بوصلتها ذات المجال المغنطيسي والتي لا يعرف العلماء إلى الآن الإلية التي تعمل بها، ومن ثم تستكمل الرحلة التي تكلل بالنجاح.
كم مرة تراجعت عن المنافسة بسبب الصعاب والمشاكل؟؟
تطير أسراب الطيور المهاجرة على شكل رقم 8 حيث يقوم طائر المقدمة بتخفيف عبء مقاومة الهواء للطيور الخلفية بنسبة 20 % وحين يشعر بالإجهاد يتخلى عن المقدمة ليقوم طائر آخر باحتمال عبء ومشقة القيادة!!
هل أنت قائد تتحمل المشقة وان لم تكن هل تثق في قائدك!!
خلق الإنسان على فطرة البحث عن الخالق حتى يجد في اللجوء للخالق السكينة والاستقرار المعنوي اللذان يمكنا الإنسان من العمل بشكل دوري ، فإذا لم يعمل الإنسان بالعملية الحسية بشكل متكرر لن يجيدها وبالتالي لن يستطيع الإبداع أو الابتكار هكذا يعمل ، ولكي يستطيع الإنسان أن يعمل بشكل مستمر يجب أن يكون لديه ركن معنوي يلجأ إليه باستمرار لإلقاء عاتق العمل عليه ويوجه معنوية هذا العمل لإرضائه.
من ليس لديه اله يتعبده ويحبه ويحتمي فيه ويركن إليه لا يستطيع العمل بشكل مستمر ولا يستطيع التقدم أو التطور أو القيام بالأعمال المنوطة منه أو المسئوليات المطلوبة منه، فيتحتم عليه الفشل وعدم الانجاز ومن ثم يلجا إلي الهروب إلى تغييب عقله عن طريق المخدرات أو المسكرات أو الدخول في نوبات اكتئاب مزمنة غير مبررة ، دون القيام بالمهام المطلوبة منه وإذا ما تعرض إلي ضغط المسالة عن تلك المسئوليات المطلوبة منه يقابل هذا الضغط بأعمال اقل ما يقال عنها أنها تتميز بالشر وعدم الإنسانية.
إذا أحب الإنسان الله حق حبه وتعبده سوف يتوكل عليه حق توكله كما يتوكل الطير عليه ويهاجر في مواعيد ثابتة غير عابئ بمشقة الطريق أو الإخطار التي قد تودي بحياته وهل سوف يجد ما يقتات عليه أم سيتدهور جوعا، حب الخالق هو سر أمان المخلوق ومصدر عزته وكرامته فلن يطل الإقامة بمكان يتعرض فيه للذل أو الإهانة أو الابتزاز ولن يستسلم لأي أنواع العنف خصوصا العنف العاطفي الذي يمارس على ضحية كل ذنبها الاستسلام والاستكانة.
يتحمل الإنسان الظلم والإهانة ويفضل البقاء عن الرحيل خوفا من المجهول خوفا من التغيير، ونقص في ثقته فيمن خلقه، فقد يري حاله مذنب لدرجة أن الله لن يعينه أو أن لا يستحق المساعدة أو ربما يستحق الإهانة والذل لذنب أو على ما بنفسه، فيظل في وضع البقاء في المكروه كنوع من أنواع العقاب لنفسه التي لا تستحق التقدير والتكريم.
إذا أحب الإنسان ربه حق الحب سيثق فيه حق الثقة ويقدره حق التقدير والتقدير هنا سوف يكون متبادل فكما يقدر الخلق سوف يقدر نفسه لأنه من صنع هذا الخالق العظيم.
العرابة بتقولك حب ربك ومتخفش وطير لو حتى مفيش عش
الكاتبة د/سارة حجازي