أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية، أن الإصلاح الاقتصادي عملية ديناميكية، وقد نجحت مصر فى التنفيذ المتقن للمرحلة الأولى من برنامجها الوطني الشامل، بشهادة مؤسسات التمويل والتصنيف الدولية، على نحو حقق مكتسبات منحت الاقتصاد المصري قدرًا كبيرًا من الصلابة في مواجهة الأزمات الداخلية والخارجية، ودفع الحكومة لإطلاق المرحلة الثانية التي تتضمن حزمة من الإصلاحات الهيكلية لا تتضمن أي أعباء إضافية على المواطنين.
أضاف الوزير، أن هناك حزمة من الإصلاحات الهيكلية على مستوى السياسات المالية الكلية؛ من أجل تحقيق الاستقرار المالي، والسيطرة على معدلات عجز الموازنة والدين العام للناتج المحلى، والحفاظ على معدل نمو اقتصادي مستدام، ورفع كفاءة تحصيل الإيرادات العامة، وضمان حُسن إدارتها، على النحو الذي ينعكس في تعزيز أوجه الإنفاق على المشروعات التنموية التي تستهدف تحسين مستوى معيشة المواطنين، والارتقاء بالخدمات المقدمة إليهم، جنبًا إلى جنب مع الاستمرار في مساندة القطاعات الاقتصادية والفئات الأكثر تأثرًا بجائحة كورونا، لافتًا إلى أن الخزانة العامة للدولة تتحمل عبء تثبيت أسعار الكهرباء والغاز للقطاع الصناعي خلال الثلاث سنوات المقبلة؛ بما يتسق مع جهود الدولة لتوطين الصناعات المتطورة وفقًا لأحدث الخبرات العالمية، وتعميق الإنتاج المحلى، وتعزيز تنافسية الصادرات المصرية خاصة فى ظل سعى الحكومة لسرعة رد الأعباء التصديرية المتأخرة لدى صندوق تنمية الصادرات عبر العديد من البرامج التي كان آخرها مبادرة «السداد النقدي الفوري».
أشار الوزير إلى أهمية تضافر كل الجهود لإنجاح البرنامج الوطني المتكامل للإصلاحات الهيكلية استكمالاً لمسيرة الإصلاح واستهدافًا لتحقيق التنمية الشاملة للوطن، مؤكدًا أن وزارة المالية تمضى فى استكمال إجراءات إصلاح المالية العامة وتحقيق الضبط المالي ووضع العجز الكلى والدين العام في مسار نزولي مستدام من خلال تنفيذ إصلاحات على جانب الإنفاق العام تهدف إلى تحسين نظم إدارة المالية العامة وإعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام، والاستدامة متوسطة المدى، وفى هذا الإطار حققنا بعض النجاحات المالية والاقتصادية حيث استطعنا خفض عجز الموازنة الذي تجاوز ١٢,٥٪ من الناتج المحلى عام ٢٠١٥/ ٢٠١٦ إلى ٧,٩٪ فى عام ٢٠١٩/ ٢٠٢٠، ومن المتوقع أن يصل ٧,٧٪ بنهاية العام الحالي، و٦,٧٪ في العام المالي المقبل، وتحول الميزان الأولى من عجز ٣,٥٪ من الناتج المحلى عام ٢٠١٥/ ٢٠١٦ إلى فائض أولى ١,٨٪ من الناتج المحلى عام ٢٠١٩/ ٢٠٢٠، ومن المتوقع أن يصل ١٪ من الناتج المحلى مع نهاية العام الحالي، و١,٥٪ في العام المالي المقبل.
أضاف الوزير، أن المديونية الحكومية انخفضت بنسبة ٢٠,٥٪ من الناتج المحلى على مدار ٣ سنوات من ١٠٨٪ من الناتج المحلى في يونيه ٢٠١٧ إلى ٨٧,٥٪ في يونيه ٢٠٢٠، ومن المتوقع أن تكون المديونية الحكومية ٨٩٪ من الناتج المحلى بنهاية يونيه ٢٠٢١، وفى العام المالي المقبل أيضًا، لافتًا إلى استقرار أسعار معظم السلع والخدمات ليصل معدل التضخم السنوي إلى ٤,٥٪ في مارس ٢٠٢١، نزولاً من ٢٣,٣٪ عام ٢٠١٦، ونحو ٢٢٪ عام ٢٠١٧، وارتفع رصيد الاحتياطي من النقد الأجنبي بشكل كبير ليتجاوز ٤٠ مليار دولار في أبريل ٢٠٢١، ليغطي أكثر من ٧ شهور من فاتورة الواردات السلعية والخدمية، وتراجعت معدلات البطالة إلى نحو ٧,٢٪ في ديسمبر ٢٠٢٠، نزولاً من ١٣,٣٪ خلال عام ٢٠١٣
قال إن العام المالي الجديد سيشهد لأول مرة إعداد «موازنة متوسطة» تُقدم لمجلس النواب، وتمتد لثلاثة أعوام مقبلة، مؤكدًا أن منظومة الشراء الموحد تستهدف ترشيد الإنفاق العام والاستهلاك، وقد تم اعتماد ١٥ عقدًا حكوميًا نموذجيًا مميكنًا؛ بما يُسهم في تعزيز الحوكمة والشفافية.
أشار إلى أنه تم دمج قانون «الموازنة العامة» وقانون «المحاسبة الحكومية» اللذين يحكمان الأداء المالي بمصر في مشروع قانون «المالية العامة الموحد»، خاصة بعدما طرأ عليهما العديد من التعديلات وقد بدا واضحًا عدم ملاءمتهما للمتغيرات التي شهدها نمط إعداد وتنفيذ ورقابة الموزانة، فى ظل التطورات المتلاحقة والتحول إلى النظم المميكنة، موضحًا أن مشروع قانون «المالية العامة الموحد» يعكس فلسفة الأداء المالي في النظام الاقتصادي المصري، بما يواكب النظم المميكنة الحديثة، ويستهدف الإدارة الرشيدة للمال العام من خلال التطبيق السليم لموازنة البرامج والأداء، ورفع كفاءة الأداء المالي بالوزارات والجهات الإدارية باستخدام الأساليب العلمية والتقنيات الفنية، والإسهام الفعَّال فى تحديد أولويات الإنفاق العام، بالتعاون مع وزارة التخطيط، إضافة إلى تحقيق أعلى مستوى من الشفافية والإفصاح في الإعداد والتنفيذ والرقابة، وترسيخ مفاهيم المحاسبة والمساءلة، وإعداد أطر موازنية لضمان التخطيط المالي الجيد ووضع رؤية مستقبلية للأداء المالي بالجهات الإدارية.
أكد الوزير، أننا قطعنا شوطًا كبيرًا خلال العامين الماضيين في رقمنة منظومتي الضرائب والجمارك، على نحو يُسهم فى تحفيز الاستثمار من خلال ميكنة ودمج وتبسيط الإجراءات، وتحصيل حق الدولة، ودمج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمي، وقد تم إطلاق المرحلة الأولى لمنظومة الإجراءات الضريبية الموحدة المميكنة في مركز كبار ومتوسطي الممولين وكبار المهن، بحيث أصبح الممول يُقدم الإقرارات على هذه المنصة الإلكترونية برقم ضريبي واحد يشمل كل أنواع الضرائب، ويسدد إلكترونيًا أيضًا، مشيرًا إلى أن مصر من أوائل بأفريقيا والشرق الأوسط في تطبيق منظومة «الفاتورة الإلكترونية» التي انضمت إليها ٤٦٧ شركة حتى الآن على مرحلتين منها ٣٧ شركة طواعية، وقد أصبح لدينا ٦ ملايين وثيقة إلكترونية خلال شهر ونصف، ومن المستهدف قبل نهاية مايو المقبل انضمام ٢٨٠٠ شركة بمركز كبار الممولين إلى هذه المنظومة الإلكترونية المتطورة.
قال الوزير، إن القانون الجديد للجمارك يرتكز على تبسيط الإجراءات، واستحداث نظم جمركية جديدة، والتوظيف الأمثل للتكنولوجيا الحديثة، بمراعاة تطورات التجارة العالمية، والتزامات مصر الدولية؛ من أجل تعزيز قدراتنا التنافسية ورفع ترتيب مصر في التصنيفات الجمركية، لافتًا إلى أننا نستهدف تقليل زمن الإفراج الجمركي؛ بما ينعكس فى خفض تكلفة السلع والخدمات في الأسواق المحلية، من خلال ربط كل الموانئ البرية والبحرية والجوية بمنصة إلكترونية واحدة عبر منظومة نافذة، لافتًا إلى أن نظام التسجيل المسبق للمشحونات، ونظام إدارة المخاطر يستهدف الاستغناء عن المستندات الورقية، والاستفادة بآليات ربط منظومة النافذة الواحدة الإلكترونية مع شبكات سلاسل الإمدادات الدولية التي تعمل بالتكنولوجيا الحديثة والمؤمنة، ومن ثم يمكن الحصول على بيانات الشحنات إلكترونيًا من بلد التصدير وعدم السماح بتحريك البضائع المرفوضة من ميناء تصديرها؛ تجنبًا لتراكم المهمل في الموانئ.
أشار إلى أنه عدد المستفيدين بمشروع الفاعل الاقتصادي أو القائمة البيضاء وصل ١٨٩ شركة استيراد وتصدير وتخليص جمركي ذات سُمعة طيبة وصحيفة خالية من أي مخالفات في التجارة الدولية، تستطيع سرعة إنهاء إجراءات الإفراج عن شحناتها في أي ميناء بعد استيفاء المستندات والموافقات المطلوبة.